قرأنا
ونحن في عز الصبا عن مغامرات وقصص عاطفية ، وإن شئنا غرامية . كنا نعيش طقوسها
العذرية ، ونسافر في عوالمها الطهرية . ومنذ ذلك الوقت ظل طموحنا أن نعيش تلك
اللحظات النفسية والوجدانية التي فطرنا ربنا عليها. لكن زمن العولمة المتوحشة
روضنا على قلب هذه المعادلة . فالحب ، والعشق ، والغرام ، وما شئنا من المترادفات
فقدت سحرها ، وأفرغت الإنسان من آدميته . وأصبح الحب – على رأي الشاعر جبران -
كالعشب ، لا زهر ولا تمر. في هذه المدنية
المتبجحة بعمرانها ، وبآخر ما تفتقت به عبقرية جيل الوسائط الالكترونية وملحقاتها
، يتحول العشق إلى صناعة ، وتنقلب قدسية الحب إلى مسخرة تذبح على أعتابها قرابين
العلاقات المسكونة باللغط ، والأغاني البذيئة .
مقاهي متراصة أشبه بمستوطنات ، تشرئب منها أعناق
تعودت الفرجة على أجسام مهترئة تبيع الوهم ، وتبني جسورا من الخطيئة . يا بؤسك
أيها الآدمي الشقي المطارد بلعنة الفسق والخيانة . ضاعت الصحبة ، والعشرة في زمن
التيه والقمامة . شاخ الحب ، وتخشبت القلوب ، ودفنت الشهامة . عيون جاحظة تفترس
لحوما آدمية أتعبها اليأس والعنوسة ، وقلة المروءة . ما أقساك يا زمن ؟
ما أتعسك أيها الكائن المسافر في غياهب الوهم والخديعة ؟ يا بؤسك أيها
المعذب العالق بين العفة والرذيلة . ما أحوجك إلى قلب رحب يحمل عنك عبء السنين ،
والملامة .
أرى أشباحا أدمية يعتصرها الألم . ألمح في
تجاعيدها رواسب دموع مجففة أرهقتها الخيبة
، وأدمتها صروف الدهر ، وتراتيل المكر والخديعة . ألامس أياد رخوة تنتظر من يشد
أناملها بخيط الود الصافي ، وطيب الكلمة الحنونة . تهفو إلى الاغتسال بماء العفة ،
والتطيب بعطر المحبة الصافية ، والتحاف رداء القلوب الرحيمة .
. ملاك المصطفى
شاركنا رأيك وكن اول من يقوم بالتعليق :)[ 0 ]
إرسال تعليق