أحدث الأخبار
تحميـــــــل...

إشارات مختصرة في التربية على حقوق الإنسان

6:50 ص |
Parchemin horizontal: التربية على حقوق الإنسان 
 ذ/ملاك
محـــــــــــــاور الــــــــــــعـــــــــــرض

 1/ السياق التاريخي لحقوق الإنسان
2/ حقوق الإنسان في المنظور ا لعلمي والقانوني والشرعي
3/ تحديد الجهاز المفاهيمي لبعض المصطلحات
4/ المعيقات التي تحول دون التربية على حقوق الإنسان
5/ حقوق الإنسان في الفضاء التعليمي



1-   قراءة تاريخية مختزلة لمسألة حقوق الإنسان
          يجب الإقرار منذ البداية أن حقوق الإنسان تتصف بصفة الكونية أولا ، ثم العالمية ثانيا قبل أن يكون إنتاجا جهويا أ وإقليميا . بحيث أن القيم الحقوقية ليست ملكا لشخص أو دولة أو حضارة مخصوصة،بل هي إنتاج إنساني تكون عبر مخاضات عسيرة و تضحيات جسام . و.بمكن في عجالة تاريخية مبسطة أن نشير إلى خمس حضارات قوية عاشتها البشرية : حضارة الأنهار + حضارة اليونان + حضارة الرومان+ الحضارة الإسلامية + النهضة الأوربية ،وما تمخض عنها من قيم إنسانية عليا لاحقا.

·        حضارة الأنهار
ونقصد بها تلك الحضارات العريقة التي تأسست على ضفاف مجموعة أنهار هي : حضارة الرافدين ،وحضارة النيل ،وحضارة الصين. بحيث أن المعطيات
التاريخية تؤكد توالد هذه الحضارات وإفرازها لعدد من القوانين التنظيمية ، أو على العكس من دلك تفريخها لعدد من الانتهاكات الحقوقية في العلاقة بين السيد والعبد ، وبين الحاكم والمحكوم، والرجل والمرأة.
·        حضارة اليونان:
وهي حضارة حابلة بتراكمات على مستوى الفكر الفلسفي والواقع الاجتماعي والقانوني . بحيث كان هناك زخم فلسفي وقانوني وقيم اجتماعية تراتبية إضافة إلى تلك التمايزات بين السادة والعبيد والنبلاء والشعراء والفلاسفة والحرفيين . ولعل مدينة أفلاطون  تجسد هذه الملاحظات المذكورة .
·        حضارة الرومان:
وهي حضارة حاولت تطوير مجموعة قوا نين في إطار  التركيبة الاجتماعية المختلفة بين القوة والضعف ، الفقر والغنى ، السيادة والعبودية.
·        الحضارة الإسلامية:
لقد أنتجت هده الحضارة عدة مظاهر فكرية وحقوقية داخل المنظومة الدينية.  كما طرحت بدائل تشريعية لاحترام الإنسان وتكريمه. ولم تفرق هده الحضارة  بين الأجناس البشرية أو اللون أو العرق أو أي نوع من التمايز (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الآية .(كلكم لآدم وآدم من تراب.) ( لافرق بين أسود وأبيض وأحمر، وعربي وعجمي إلا بالتقوى) الحديث الشريف.
*النهضة الأوربية:
أنتجت مذاهب وفلسفات واكتشافات علمية . غير أن هذه الثورة العلمية تسببت في خر وقات وتجاوزات للحقوق الإنسانية ،وخاصة في المجال الاقتصادي والاجتماعي رغم التظاهر سياسيا بدمقرطة مختلف مجالات الحياة ، ورغم تلك المفاهيم الفلسفية التي تتحدث عن مصطلحات مغرية مثل: الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية. 
    فالملاحظ في هذه الإطلالة المختزلة أن الإنسان كان ولازال هو القاسم المشترك بين كل هذه الحضارات. وهذه الحقيقة التاريخية تدفعنا إلى الاعتراف بوعي أو عن غير وعي بان الإنسان يمثل قيمة عليا تؤثر في الفكر والثقافة والاقتصاد والاجتماع.
2-    حقوق الإنسان قانونيا وعلميا وشرعيا :
         هي قوانين تنظم علاقات فوق الدولة. ولقد فصل القانون في مجموعة من الحقوق السياسية والحزبية و النقابية  والجمعوية ، وغيرها من عناصر تتعلق بالعلاقات الاجتماعية.
 و القانون عموما هو مجموعة قواعد تنظم العلاقة بين طرفين أو أكثر  . أما النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان ، فقد طرحت ما يشبه (  نظرية حقوق الإنسان) لمحاربة كل أشكال  الاستعباد و الاسترقاء  والحروب . وهنا يطرح هذا السؤال الكبير: من المسؤول عن حقوق الإنسان ؟ وللإجابة عن هذا السؤال، ظهرت إعلانات واتفاقيات ومواثيق . كما صنفت الحقوق إلى أنواع متعددة ؛ فعصبة الأمم المتحدة التي تأسست سنة  1945  حاولت أن تتصدى  لهذا الموضوع الإنساني ؛ إذ أصدرت رزمة من القوانين و الإعلانات والاتفاقيات لحماية حقوق الطفل والمرأة والراشد على العموم ؛ و يمكن الإشارة إلى بعض التواريخ على سبيل المثال:
* في سنة  1947   تبنت عصبة الأمم نظرية حقوق الطفل
* في سنة  1968 ثم اعتماد الإعلان عن حقوق الطفل
* في سنة  1979  تأسست منظمة اليونسف لدفاع عن حقوق الطفل
* في سنة 1990 انعقاد القمة العالمية حول بقاء الطفل ونمائه
* في سنة 1991  وقع الحديث عن السنة الدولية لحقوق الطفل
    وبالنسبة للمغرب، فقد وقع على هذه الاتفاقية سنة1993 وتحفظ على المادة 14 الخاصة بحرية العقيدة
هذه فقط إشارات خاطفة، أما بالنسبة لحقوق الإنسان عامة، فيمكن أن نشير اختصارا إلى سنوات:
-   1958   ظهور مشروع قانوني حول الحقوق الخمسة: سياسية/ مدنية/ اجتماعية / ثقافية/ اقتصادية
-  1966    تحويل هذا المشروع من طابع الإعلان إلى واقع ملموس
1976      توقيع جميع الدول على اتفاقية 1966
 أما المغرب فلم يوقع عليها إلاسنة1979.  وبالنسبة لاتفاقية علاقة التربية بالحقوق ،فقد وقع عليها سنة1994
هذا بالنسبة للحقل القانوني، أما العلم بفروعه البيولوجية والنفسية والسوسيولوجية وغيرها من العلوم المتصلة بالإنسان، فتؤكد على تداخل الحقوق البدنية والفكرية والنفسية . بحيث ينظر إلى الإنسان ككيان آدمي وكينونة حتمية يجب احترام آلياتها وعناصر تواجدها وحماية بقائها. أما الشرع فهو واضح على ضوء نصوص القرآن والسنة. إذ وردت مصطلحات كثيرة مثل التكريم ، السلم ، المساواة، العدل...الخ
3- تحديد الجهاز المفاهيمي
  لابد في اعتقادنا من تحديد بعض المصطلحات المرتبطة بالحقوق حتى تتضح الصورة:
أ/ مفهوم الحقوق : هي مجموعة من الامتيازات المتأصلة في الإنسان، والتي تميزه عن باقي المخلوقات . وتضمن له حق الاحترام والتكريم والحماية . أما العناصر التي تنتفع بالحقوق داخل الكيان البشري، فهي: الجسد/ الفكر/ الروح. وكل واحد من هذه العناصر يتفرع إلى مجموعة من المكونات تتداخل فيما بينها بشكل بنيوي . وبالإضافة إلى هذه الحقوق الفردية والجماعية وكل ما يتعلق بالهيئات والجمعيات، هناك حقوق تتعلق بالشعوب. كحق الشعوب الفقيرة المستعمرة في استغلال ثرواتها واختيار مستقبلها السياسي والوطني، واستقلالها الاقتصادي والفكري.( وتجدر الإشارة إلى أن هذه القضية لم يحدث فيها لحد الآن أي اتفاق دولي )
ب/ مفهوم الإعلان عن الحقوق:   هو مجرد إخبار عن مواثيق، ولا يحتاج إلى توقيع . بمعنى أنه لا يلزم الدولة ، وليست له قوة أو سلطة حتى تتقيد به الدولة . وإنما هو ميثاق أخلاقي من حيث المبدأ، ولا يكتسب تلك الصفة الإلزامية.

ج/ مفهوم الاتفاقية :   هي مجموعة قوانين ملزمة للدولة الموقعة. بمعنى أنها قوة إلزامية تستدعي التطبيق. وهنا تبدأ عمليات متتابعة هي التوقيع + المصادقة + التنفيذ. وتخصص سلطة مخولة دستوريا للتوقيع .

د/ حقوق الراشد:    يصعب حصر نوع وطبيعة وحجم هذه الحقوق. ولكن يمكن تصنيفها إلى حقوق سياسية ومدنية واجتماعية وثقافية واقتصادية. وكل صنف يتوزع إلى قيم حقوقية أخرى،مثل: الحرية/ المساواة/ الكرامة/ الديموقراطية/ العدالة / التعبير/ التجمع/ التظاهر/ النقد. بيد أن هذه الحقوق لا تعني الفوضى والتسيب. ولكنها فكر ومنهج واقتناع واع بالجمع بين الحق والواجب. (انظر ملحق 1-2-3 )

ه/ حقوق الطفل:    حين نتكلم عن حقوق الطفل، نلاحظ أن حقوقه تفوق حقوق الراشد كما ونوعا. وذلك لعدة أسباب. ومن أجل توضيح الطبيعة القيمية العليا لهذا الكائن البشري،لا بد من ذكر المحددات الفيزيولوجية والقانونية والشرعية للطفل.
يعرف الطفل من الناحية الفيزيولوجية من 0 إلى 18 سنة. وهذه المساحة العمرية لها مبرراتها نفسيا وبدنيا ووجدانيا. فهو كائن هش يحتاج إلى حقوق يراعى فيها نموه الجسدي والعقلي. وهنا ظهر قانونيا ما يسمى بالمصلحة الفضلى. وهي تلك الحقوق الإضافية والأساليب التي تحفز وتهيج هذا النمو الوجداني. ثم إن الطفل قانونيا هو إنسان قبل كل شيء. له حقوق في الاسم والحياة والصحة والنماء والبقاء. ونظرا لهشاشة هذا الكائن،فقد رفعت دعوات إلى تأهيل هذه الحقوق لينتقل القانون من الدفاع عن حقوق الطفل إلى حقوق مرتبطة بالرفاهية. أما الشرع ففيه وقفات كثيرة وعجيبة تدعو إلى الرعاية الكاملة بالطفل قبل ولادته وبعدها. ولا حاجة للدخول في التفاصيل .
ويبدو أن هذه الحقوق ذات بعد إنساني. إذ أن القانون ذهب إلى حد تجريم عملية تشغيل الأطفال الأقل من 15 سنة. فاستعمل مصطلح تأهيل الأطفال من 15 إلى 18 سنة بدل تشغيلهم. وقد بلغ عدد البنود المتعلقة بحقوق الطفل 41 بندا. وكلها ملزمة للدول.
من هذا المنطلق ، يطرح السؤال التالي: ما هي الجهات المسؤولة عن حقوق الطفل؟
  إنها الأسرة والمجتمع والمدرسة،ثم الدولة. غير أن الحقيقة الملموسة هي أن هذه الجهات المسؤولة تتحول أحيانا إلى حواجز معيقة للحقوق ومجهضة لها في أحيان كثيرة.
4/ معيقات التربية على حقوق الإنسان:
إن تناقضات الواقع بكل مجالاته تضع أمامنا سبحة لا نهائية من الحواجز التي تمنع التربية الحقوقية أو على الأقل تعرقل الحقوق الإنسانية. وحتى تتضح الصورة أكثر، يستحسن تصنيف تلك المعيقات في أربعة عناصر:
* معيقات مادية:
وتتجلى في الفقر الاقتصادي، وكذا طبيعة التركيبة الاجتماعية. فالفقر يدفع الكثيرين الى بيع الكرامة، وأحينا المتاجرة بالشرف والأعضاء الجسدية. وهذه المعضلة يصعب حلها في غياب مشروع تنموي متكامل. ثم إن الفوارق الطبقية في المركز والوظيفة والسلطة تزيد من عوامل الاستغلال والاستعباد.
* معيقات لها طابع ثقافي مقلوب
وتتجلى في بعض الأفكار التي تهدم قيم التضامن والتسامح واحترام الرأي الآخر، و التي تؤسس فصلا آخر من  فصول هدر الكرامة وترويج ثقافة الانانية ، والفكر السادي .................
* معيقات ذاتية:
وهي تلك النظرة الدونية إلى الذات والإحساس بالنقص والهامشية أمام الآخرين. بل هناك من تعود على الكبت الإرادي وتمجيد الآخر على حساب كينونته الخاصة. حيث لازالت النظرة إلى أنواع معينة من اللباس السلطوي، أو الطبقي تخيف الكثيرين بشكل غرائبي متأصل.
* معيقات سياسية:
وهي مساحة واسعة يقع فيها هضم الحقوق  تحت غطاءات ولبوسات معينة. ناهيك عن أساليب التخويف والتعذيب ومصادرة الحرية والحق في التعبير، وكل أشكال الحجر والوصاية، ولجم الألسنة.
هذه العوامل و غيرها تعتبر ألغاما مزروعة وحدودا فاصلة تحجب الحق وتبطل الواجب. ويمكن أن نذكر معيقات أخرى كالأسرة وبعض الأطر التربوية التي تنقل عقدها ومشاكلها إلى الفضاء المدرسي.  

3-    علاقة الفضاء التربوي بحقوق الإنسان
     التربية في أبسط تعاريفها، هي نقل الخبرات والتجارب من جيل سابق إلى جيل لاحق. وهي في نهاية المطاف سعي نحو التغيير في السلوك والفكر والممارسة. ومن هذا المنطلق يعتبر الفضاء المدرسي مجالا واسعا للتربية على حقوق الإنسان. لكن هل واقع المؤسسات التعليمية يسمح بإشاعة تلك القيم الإنسانية المرتبطة بالحقوق ؟ ولعل الإجابة على هذا السؤال ستدخلنا في نفق تتعدد مساربه والتواءاته بحيث أن الحياة المدرسية تتشابك فيها كتلة من الطاقات البشرية، وترسانة من القوانين التنظيمية. وإذا ألقينا نظرة على طبيعة المتدخلين في الشأن المدرسي
والمتأمل في هذه العناصر أو الطاقات، المتدخلة في الحياة المدرسية، يلاحظ ذلك التناقض الكبير بين ما هو كائن وما يجب أن يكون. ويمكن أن نشير على سبيل المثال إلى نماذج من المعيقات داخل الفضاء المدرسي.:
-    الاكتظاظ : بحيث تضيع حقوق التلميذ في التعلم. فإذا قمنا بعملية حسابية لعدد التلاميذ وزمن التعلم، نجد هدرا فاضحا في نسبة حق التلميذ في المشاركة. إضافة إلى غياب أبسط الضروريات الصحية والترفيهية والتثقيفية.
-    طبيعة المناهج الدراسية :  إن أغلبها فارغ في محتواه، مرهق في تعليميته. و أكثر من ذلك، فهي تبعث على الخنوع  واليأس و العبثية أحيانا. لأنها غير مرتبطة بحياة التلميذ أو بإكراهات الواقع ومتطلبات العصر.
-         طرق التدريس التقليدية المبنية على:                      سلطة التلقين
                                                             التصادم المستمر
                                                             غياب الثقة
                                                             غياب العلاقة الإنسانية
-         شروط العمل داخل المؤسسة:
-         أنظمة الامتحانات المبنية على الموسمية والإقصاء و العشوائية


Read more…