تسلمني أضواء النهار وهمومه لسكينة الليل
وتأملاته . يتملكني شعور غامر بفك خيوط وألغاز هذه الحياة المسجورة بالأسئلة
اللانهائية . بالنهار يشدني الفضول إلى تلك الوجوه الحالكة المعروكة ، والتجاعيد
المرسومة على وجوه كثير من خلق الله .
يطاردني ضجيج النهار : أصوات يختلط فيها البشري
بالبهيمي ، أرصفة مرصعة تلعن كثيرا من المارة الذين يمشون في الأرض مرحا ، أضواء
خافتة تعلن بداية الحكايات المشحونة بعبارات النفاق ، والمروءة المغشوشة . ما أتعس
الحياة بين كائنات فقدت آدميتها .
يتملكني في جوف الليل إحساس بالغربة . أتأوه ،
أراوغ سيلا من الأسئلة التي تطاردني ،أقلب المخدة مرات ومرات لأتغلب على الأرق ،
أمد عيني إلى السقف المتحجر الذي يزيدني حيرة وإبحارا في الأوهام الموجعة . ألا
أيها الليل الطويل ، الموشح بأجنحة سوداء : أسألك بحكمة الخالق الذي جعلك سكنا أن
تزيح عني ستار السؤال الحارق . تراودني فكرة التصعلك في الغسق ، تكبلني بنات أفكار
تولدت في رحم النهار ، ثم تنناسل كأسراب النمل لتشدني إلى ذلك الفراش الذي مللت من
عراكه في لجة الظلام ، أو من طيه كل مرة
مع انبلاج الصبح .
أملي نفسي بالأمل السراب ، أبحث عمن يفهم
أحاسيسي في حوارات داخلية ، أتردد على الحمام من غير سبب وجيه ، اسمع أصواتا تتسلل
إلى البيت عبر شقوقه الملتوية التواء الأفاعي السوداء ، في زمن ضاعت فيه الصحبة
والمروءة ، وفتتت فيه الثقة . أتسلق حبال الحلم بالانفراج . لكن الطريق يترامى
أمامي بعيدا . تضيع الحكمة ، وينفد الصبر ، ويبدأ الجرح في الاتساع ، فأستسلم
للنوم على مضض.
ملاك
... 25/ 2 / 2015
شاركنا رأيك وكن اول من يقوم بالتعليق :)[ 0 ]
إرسال تعليق