قصيدة تجديد الرؤيا

من هذ ا المنطلق طورت القصيدة نفسها من تكسير للقواعد الجاهزة إلى تجديد رؤيوي . بحيث لم تقف عند حدود النظرة المألوفة التي تكتفي بالتقاط تفاصيل الموجودات ، ولم تهتم بالصناعة الشعرية التي تعتني بشكليات التعبير المعجمي، بل تجاوزت ذلك إلى  الغوص في عالم التأملات ، والدلات المبنية على بشارة الكشف ، والتماهي في فلسفة الزمن والأسطورة . فما هو مفهوم الرؤيا في الشعر الحر ؟

الرؤيا في مجال الشعر

هي موقف انفعالي انفعالي وفكري يحاول الكشف عما وراء هذا العالم

هي التأمل فب الوجود من خلال تجاوز الظواهر، ومواجهة الحقيقة .

هي موقف فكري اندهاشي لا سقف عند حدود الموجودات

هي الكشف عن وجه العالم الخفي وراء العادة والمألوف اليومي

إن هذه الثورة الشعرية الجديدة لم تقف عند حدود نكسير قوانين التظم ، وإنما انفتحت على عوالم إنسانية مشحونة بالانفعال والمعاناة ، والقلق الوجودي . فالقصيدة تجولت إلى موقف وجودي يتجاوز ظواهر الأشياء للبحث في البواطن ، والكشف عن علاقات جديدة يعيد فيها الشاعر ترتيب القيم الإنسانية ، وينسج من خلالها عالما خاصا يتداخل فسه الرمز بالأسطورة ، والواقع بالخيال ، والمحدود باللانهائي ، والمعقول باللامعقول .

ولتحقيق هذه الغاية ، يسعى الشاعر الرؤيوي إلى التعالي عن اللغة العادية ،والصور الشعرية المسطحة ، والأسالسب المصففة . لأنه منشغل بلغة الإشارة ، لغة الكشف والبوح والتشظي . ولكل هذه الأسباب لبست القصيدة ثوب الغموض النابع من القلق والتمزق والاغتراب . فالشاعر مسافر في اللانهائي ، يجعل لغته تقول ما لم يتعود أن تقوله . يتداخل المكن بالمستحيل ، والجد بالعبث . وعلى القارئ في هذه الحالة أن يدفع بذاته إلى عملية التأويل اعتمادا على خياله الخصب ، وما يعرفه عن لعبة الرمز والأسطورة .  ( سندباد / الحلاج / جلجامش /مهيار / بروموتيوس / أوريدس / عائشة / تموز / عشتار /أورفيوس / عمر الخيام / الفينق / العنقاء / نادر الأسود / ) إضافة إلى تلك الرموز الدينية ، والادبية ، والتاريخية ( أبو العلاء / المتنبي / طرفة / امرؤ القيس / يهودا / يوسف / أيوب / موسى / إبراهيم / فيبرس / عبد الرحمان الداخل / …)

فالقصيدة كنظام جديد خرجت عن نمطية التقليد في الوصف والتصوير .لأن الشاعر لا يقدم أفكارا ، وإنما يدفغ بالقارئ غلى توليد أفكار متجددة ذات حمولة دلالية خصبة .

نستنتج مما سبق ان قصيدة الرؤيا ذات خصائص ، هي :

تجاوز الأسلوب الوصفي ، السردي

عدم الاهتمام بالصورة أو الفكرة ، وإنما بالكون الشعري

اعتبار المضمون هو الذي يخلق الشكل المناسب على حد تعبير يوسف الخال.

رفض ما سماه أدونيس بشعر الحادثة أو الواقعة .

التنعبير عن قلق الإنسان في علاقنه بنفسه وأمته

الغائية الداخلية للقصيدة ( شكل خاص / طريقة خاصة / نظام خاص ) وكل  هذه الخصائص تشكل الوحدة الموضوعية والعضوية للقصيدة الرؤيوية .

فالقصيدة لها حياتها الخاصة . كل جزء فيها يأخذ معناه من الكل . وقيمتها تجلى في تععد عناصرها التي تتداخل وتتقاطع في الشكل والطريقة والنظام .